ان التجارب التي يمر بها بعض الناس قد تفوق الخيال في غرابتها
فعندما هرب اسد من حديقة الحيوان في بودابست عاصمة المجر
ساد الهرج والمرج بين زوار الحديقة وراحت الناس تجري باطفالها الى جميع الجهات
بحثا عن مكان امين تحتمي به خوفا من بطش الاسد
وارتفعت اصوات الناس وهي تصرخ وامتزجت ببكاء الاطفال
وراح حرس الحديقة يبحثون عن الاسد الهارب في كل مكان
ولكن الارملة ( ماري ) بقيت جالسة في مكانها على المصطبة الخشبية في الحديقة
واستمرت تطعم الطيور والحمام بفتات الخبز ولم تشعر بالخوف والفوضى التي
سادت في ارجاء الحديقة
لسبب بسيط
فقد كانت ماري مصابة بالصمم التام وفجأة لمحت بطرف عينها اسدا كبيرا
يجلس بالقرب منها
وبكل هدوء بدأت ترمي له قطع الخبز ولم يرد الاسد يدها
فاكل بعض الخبز ثم اقترب منها حتى اصبح على بعد خطوتين وراح يشم محتويات حقيبتها
وكانت تتضمن بعض الخضروات والفاكهة التي اشترتها في طريقها الى الحديقة
ولما لم يعثر على مأكولاته المنفضلة
وجه انتباهه لها فراح يحدق بوجهها وهو يزحف نحوها ببطء حتى كاد يلمس ساقها
وراحت تبتسم له وتربت على فروته بيدها واستسلم الاسد كقطة اليفة حتى جاء حراس الحديقة
ورمو شباكهم عليه
في ساعات الخطر يحتاج الانسان الى ضبط اعصاب وليس ضروريا ان يكون اصما حتى
يجلس هادئا في مواجهة الاسد . ففي امكانه ان يفعل ذلك اذا كان يدرك ان الحيوان لايهاجم الانسان
الا اذا كان الانسان خائفا وقد تنقذ نفسك وغيرك في اوقات الخطر
كالحرائق والحوادث وغيرها اذا استطعت ان تتمالك اعصابك وتتصرف بهدوء .
الى هنا انتهت مقالة الكاتب المشهور
ذكرتني هذه المقالة بالقصة التاريخية المشهورة التي تحكي عن
الزوج والزوجة الذان احتكما الى القاضي وكل منهما اتهم الاخر بقسوته وسوء معاملته
وسيطرته وعندما احتار القاضي بينهما طلب من كل منهما طلب غريب
فقد طلب من الزوج ان يجلب له قرن غزال
وطلب من الزوجة احضار ثلاث شعرات من رأس الاسد
واخبرهما ان الذي سيحضر الطلب سيكون الحكم لصالحه وترك لهما مهلة عدة ايام
بعد يومان جاء الزوج وعلامات الاعياء على وجهه حيث انه قام بمطاردة الغزال دون جدوى
وبعد ثلاثة ايام حضرت الزوجة ومعها الثلاث شعرات
وعندما سئلت عن الكيفية التي احضرت بها الشعرات اجابت ان المسألة في منتهى البساطة
فقد عقدت اتفاق مع الاسد
ففي اليوم الاول :
ذبحت نعجة وقدمت بها الى مكان الاسد ووضعتها له واختبأت خلف صخرة
اما اليوم الثاني :
فقد ذبحت الثانية واحضرتها ولكنها لم تختبئ هذه المرة ووقفت بعيدا
وفي يومها الثالث :
ذبحت الثالثة واحضرتها له وعندما بدأ في التهام الفريسه اقتربت منه بهدوء وبدأت تربت على
فروته فاستسلم لها كقطة اليفة فاخذت شعراتها الثلاث
وعندها حكم القاضي للزوج
لانه عرف ان من استطاعت ترويض الاسد فبالتاكيد .........................
بس بصراحة القاضي كان متحيز الله يهديه
خلاصة القول :
الشخص الذي يستطيع التحكم باعصابه ويتصرف بهدوء سيكون هو المنتصر في نهاية المطاف
ففي بعض قبائل الهنود الحمر يرسم على طرفي المجداف أرنب يدخن الغليون والنمر في الجهة المقابلة
ليقولون ان الارنب بذكائه وهدوء اعصابه يقف في مواجهة النمر وهو متأكد ان النمر لن يستطيع النيل منه
